دارين ضحية العنف- صرخة لحماية أطفالنا ومستضعفينا من قسوة الظالمين

المؤلف: أحلام محمد علاقي08.12.2025
دارين ضحية العنف- صرخة لحماية أطفالنا ومستضعفينا من قسوة الظالمين
تأثر رواد وسائل التواصل الاجتماعي بقصة الطفلة "دارين" الرضيعة، التي انتشرت مقاطع فيديو مروعة تظهر تعرضها للعنف الشديد من والدها، وهو فعل لا يمكن أن يصدر إلا من شخص فاقد لأبسط معاني الإنسانية. وبسبب المشاهد المروعة وتفاصيل التعذيب البشعة التي ظهرت في لقطات مقربة، قامت منصة "يوتيوب" بحذف الفيديو الذي يوثق هذا الاعتداء الشنيع. ومما يؤسف له، تلقت إحدى صديقاتي المحسنات جزءًا من هذا المقطع، وشاهدت بنفسها منظرًا لطفلة صغيرة جدًا، لا تتجاوز شهرين أو ثلاثة أشهر من العمر، وهي تتعرض للخنق المتكرر والرجّ العنيف بطريقة وحشية وخطيرة من قبل والدها. يا أصدقائي، هذا المشهد المأساوي ليس إلا حلقة واحدة من مسلسل طويل من معاناة الأطفال وتعذيبهم. فالأطفال، كالنساء وجميع المستضعفين في هذا العالم الذين تسحقهم قوى الظلم والتسلط، سيظلون ضحايا للعنف ما لم نتخذ خطوات جادة وفاعلة. وأرى أن هذه الخطوات يجب أن تتضمن على الأقل ما يلي: 1- سن قوانين صارمة ورادعة لمكافحة العنف بكل أشكاله وصوره. يجب أن تكون هذه القوانين مخيفة وتهدد أمان واستقرار المجرمين والمعنفين، وأن يشعروا بوجود القانون وقوته التي تطالهم بكل سهولة، حتى لا يتمادوا في ممارساتهم العنيفة ويعتبرونها أسلوب حياة. فقضية الطفلة "دارين" كشفت أن الأم أيضًا كانت تتعرض للضرب من الأب نفسه، مما يدل على أن النزعة العنيفة قد تطال جميع أفراد الأسرة في العديد من الحالات، سواء كان العنف جسديًا أو نفسيًا أو ماديًا أو لفظيًا أو غير ذلك. ومن المعروف في علم الاجتماع وعلم التواصل أن وجود فرد واحد مؤذٍ في مجموعة ما يكفي لإحداث تأثير سلبي كبير على المجموعة بأكملها، حتى وإن لم يشعروا بذلك بشكل مباشر أو يعترفوا به. 2- توعية أفراد المجتمع، صغارًا وكبارًا، نساءً ورجالًا، بحقوقهم التي تحميهم من التعنيف، وإزالة الخوف المرتبط بتقديم شكوى للجهات المختصة، مع طمأنة الضحية بأنها لن تُعاد إلى من قام بتعنيفها لينتقم منها بعد الشكوى ويواصل التعذيب وفقًا لأهوائه ورغباته، كما يحدث للعديد من المعنفات اللواتي تسلمهن بعض الجهات لمن قام بتعنيفهن، مكتفين بأخذ تعهد بعدم تكرار الجرم. يجب أن تشعر ضحية العنف بأن قضيتها ستنتقل فعليًا إلى قوة وسلطة أقوى وأعلى من تلك التي يمتلكها من قام بتعنيفها، قوة تملك الحق في القصاص والسجن والحكم على مستقبل المعنف إذا كرر فعلته، بوضع اسمه في قائمة المجرمين وأصحاب السوابق، ليصبح من المستحيل عليه أن يجد من يوظفه أو يزوجه أو يسكنه في منزل. ومن المستحسن اشتراط إظهار السجل الجنائي (كما هو الحال في بعض الدول الأخرى) عند استئجار شقة أو التقدم لوظيفة أو غير ذلك. يجب أن يطمئن المعنفون بأن هناك من سيقف بجانبهم ويدعمهم. ويا حبذا لو نشرت إعلانات لهيئات مساعدة المعنفين في الأماكن العامة والمدارس والشوارع والصحف والإنترنت، مع أرقام هواتف لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية وهيئات حقوق الإنسان، سواء كانت لطفل أو امرأة أو خادم أو أي فئة يمكن استضعافها وتعنيفها. ويا حبذا لو ساهمت جميع المؤسسات، من تعليمية إلى اجتماعية إلى ترفيهية (بما أننا نناقش رؤية 2030 التي يحتل فيها الترفيه محورًا مهمًا). وليت هذه الإعلانات تكون قريبة من نظر ونفسية الطفل، بوضع صور جذابة بألوانها ومحتواها، ليقرأ الرسالة الموجودة بها إذا كان يستطيع القراءة. وبالنسبة للأطفال الأصغر سنًا، يا ليت يتاح لأفراد المجتمع التدخل والإبلاغ عن حالات العنف التي يرونها، سواء كانوا معلمات في مدارس أو حضانات أو جيرانًا أو أقارب أو مجرد عابرين في شارع أو مركز تجاري، إذا تعرض طفل للعنف أمامهم. 3- تفعيل الإجراءات القانونية بشكل صارم وجدي وعادل ضد المعنفين. يجب أن يعلم المجتمع أن فلانًا قد سُجن، وأن الآخر قد فقد وظيفته، وأن الثالث قد طُرد من منزله بسبب كونهم معنفين ومجرمين. وتكتسب هذه العقوبات الجدية والمصداقية إذا طُبقت على جميع المجرمين دون واسطة أو محسوبية. ويا سلام أيضًا لو تكتمل الصورة ويُشهر بالمذنبين، كما يفعل بعض جيراننا الخليجيين، فتنشر صورهم وأسماؤهم في الصحف ليعرفهم الجميع ويكونوا عبرة لمن اعتبر. إذا اختفت الرحمة من القلوب، فمكانها الجديد قاعات المحاكم.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة